خنساءُ غَزَّة.. آلاءُ النجار. بقلم الشاعر مصطفى رجب
( خنساءُ غَزَّة – آلاءُ النجار ) " بحر الكامل "
إلى الَّتي بالصَّبرِ صارتْ قُدوةً
في زَمنٍ قد ضاعَ فيهِ حَيَاءُ
يا آلَاءَ، يا شَمسًا بَكَتْ وَجَعًا
في قَلبِها نارٌ، وفيها ضِيَاءُ
أبكيكِ أُمًّا ثَكْلَى، شامِخَةً
شَمَخَتْ، فما وَهَنَتْ، ولا انْطَفَأَ الضِّيَاءُ
تِسْعَةُ أَرْوَاحٍ مَضَوْا، لكِنَّهُمْ
خَلَّدُوا في الأرضِ مَعْنَى الإبَاءُ
أَبْنَاؤُكِ الأطْهَارُ في جَنَّاتِهِم
طَيْرُ السَّمَا، ما مَسَّهُمْ إِعْيَاءُ
إنْ قُلْتُ: هلْ في الأرضِ فَاجِعَةٌ؟
قُلْتُ: النِّسَاءُ، وكُنْتِ أَنْتِ العَزَاءُ
أيُّ القُلُوبِ تَطِيقُ فَقْدَ عَصَافِرٍ
من عُشِّ أُمٍّ، مَسَّهُ الإفْنَاءُ؟
لكنَّكِ المَدْرَسَةُ الَّتي تُتْلَى بها
سُنَنُ الثَّبَاتِ، ونُورُها السَّمْحَاءُ
يا خَنْسَاءَ العَصْرِ، يا سِفْرَ الدُّنَى
فيكِ البُطُولَةُ، والمَدَى، والبَهَاءُ
صَبْرُكِ قُرْآنٌ يُرَتَّلُ دائمًا
والحُزْنُ فيكِ كَرَامَةٌ وَنَقَاءُ
قَالُوا: رَضِيتِ؟ فَقُلْتِ: ذَاكَ قَضَاؤُنَا
ما نَحْنُ إلَّا للسَّمَاءِ فِدَاءُ
يا مَجْلِسَ الأَمْنِ، انْتَبِهْ! أَطْفَالُنَا
هلْ باتَ يُسْمَعُ في القُلُوبِ نِدَاءُ؟
كَذَبُوا الحُقُوقَ، وقدْ تَوَاطَؤُوا على
قَتْلِ الطُّفُولَةِ، وانْمَحَى الإِيفَاءُ
يا أَيُّهَا الإِعْلَامُ، صَمْتُكَ قَاتِلٌ
إنْ كُنْتَ لا تُنْهِي عنِ الإفْنَاءُ
يا مَن تَرَى قَتْلَ الطُّفُولَةِ عَادِيًا
هلْ فيكَ بَعْضُ النُّورِ أوْ إنْسَاءُ؟
أَبْكِي فِلَسْطِينَ الَّتي في ثَوْبِهَا
ثُكْلٌ، وفي صَوْتِ الحِجَارَةِ رِثَاءُ
لكنَّنَا قَوْمٌ على دَرْبِ الرَّدَى
نَمْضِي، ورَاحَ الدِّينُ والإِصْغَاءُ
ما عادَ فِينَا عَدْلُ أَهْلِ مُحَمَّدٍ
ما عادَ فِينَا نَخْوَةٌ وَوَلَاءُ
آلَاءُ، يا أُمَّ العَظَائِمِ، فَاخِرِي
قدْ صِرْتِ للتَّارِيخِ فيهِ ضِيَاءُ
يَكْفِيكِ أَنَّ الجَنَّةَ احْتَضَنَتْهُمُ
والعَرْشُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ أَفْيَاءُ.
_________________________
بقلمي: مصطفى رجب
مصر- القاهرة
تعليقات
إرسال تعليق