قصة قصيرة، بعنوان، الأسيرةُ الجميلة إلين، بقلم الاديبة. د. إيمان بوغانمي
قصة قصيرة رومانسية من وحي الفانتازيا
"الأسيرةُ الجميلة إلين"
كانت هناك قرية صغيرة بعيدة، تحيط بها أشجار كثيفة ووديان وعرة. كثيرًا ما تحدث سكان هذه البلدة عن كوخٍ جميل، يشبه قصرًا مهجورًا يقع وسط الغابة، ويقال إنه مسكون بأشباح الموت.
وفي إحدى ليالي الشتاء العاصفة، قررت مجموعة من الأشخاص – من الإخوة وبنات العم وأولاد الخالة – القيام بمغامرة في غسق الدجى، والعبور إلى ذلك المنزل الكبير الذي يضمّ عدة غرف واسعة، لإثبات عدم صحة الشائعات.
دخلوا من الباب الأمامي للقصر عبر الحديقة الخلفية، وهو باب يصدر صريرًا مزعجًا. بدأ بعضهم في استكشاف المصعد الإلكتروني المظلم، بينما توجّه آخرون إلى الغرف المظلمة.
لكن سرعان ما بدأت تحدث أمور غريبة؛ أصوات ضجيج غامض، ومياه باردة صُبّت فوق رؤوسهم، وأبواب تغلق بقوة البرق من تلقاء نفسها، وهمسات مخيفة وغير مفهومة تبدو وكأنها تأتي من كل اتجاه في ذلك القصر المرعب.
وفجأة، لمع البرق، ثم انطفأت الأنوار، فتاهت المجموعة في ظلام دامس. عندها، سمعوا صوتًا خافتًا ولكن واضحًا، ينادي بأسمائهم، وأسماء أمهاتهم وآبائهم، واحدًا تلو الآخر.
حاول الأقارب الهرب، لكن الأبواب اختفى أثرها، والنوافذ رفضت أن تُفتح، ثم أصبحت محكمة بالحديد وكأنهم خلف القضبان في السجن.
تبخّرت المجموعة كاملة في الهواء، وتلاشى جميعهم فوق الأرض واحدًا تلو الآخر، في الظلام، على هيئة نجوم من الألماس اللامعة، حتى بقيت فتاة واحدة فقط: فتاة جميلة جدًا، شلّها الخوف والارتباك، فلم تفهم ما حصل، ولم تكن قادرة على الحركة أو الصراخ.
ثم ناداها الصوت باسمها: "إلين".
ذُعرت الفتاة، فأخبرها بصوت عالٍ ومخيف ألا تخاف، وأنه هو الشبح بنفسه، وأنه منذ أن وقعت عيناه على جمالها ورقتها، أحبّها، وقرّر أن يتخلّص من الآخرين ويُبقيها وحدها.
فرحت إلين قليلًا بهذا الخبر المفاجئ، وطلبت منه أن يتركها تخرج من القصر.
ولكن... يا بهجةً ما تمّت!
قال لها إنّها لا تستطيع الخروج، وستبقى أسيرة لديه إلى الأبد.
زاد كلامه المخيف من رهبتها، فشعرت بدوارٍ في رأسها، ثم سقطت على الأرض من شدّة الهلع والفزع.
في صباح اليوم التالي، وعندما أشرقت خيوط الشمس، عثر الراعي على تلك النجوم البشرية، فعادت إلى هيئتها الأصلية، لكنهم كانوا في حالة يُرثى لها: فاقدين الوعي، أعينهم مفتوحة على اتساعها من شدّة الرعب.
وحين سقاهم الرجل العجوز القليل من الماء، بدأوا في الاستيقاظ، ولكنهم ظلّوا في حالة من الجمود، ولم يتحدثوا أبدًا بعد ذلك... إلّا إلين، وحدها من تكلمت وروت القصة كاملة لذلك الرجل، بكل ارتباك.
فقرّر أن يُخرجهم من هناك قبل حلول الظلام.
ولا شك أنهم خرجوا مع ذلك الإنسان الطيب، وانتشرت القصة في البلدة بأكملها، حتى جاءت السلطات، وهدمت القصر، وارتاح الجميع من مصائبه ومخاطره.
القاصّة: إيمان بوغانمي – تونس.
تعليقات
إرسال تعليق