فلسطين الفينيقية، بقلم الاديبة. د. إيمان بوغانمي
فلسطين الفينيقيّة
بقلم: إيمان بوغانمي – تونس
في أرضٍ لا تزال فيها جذورُ الصمودِ ضاربةً في عمقِ التاريخ،
يبقى المقاومُ الفلسطينيّ واقفًا،
يُحاربُ بعزيمةٍ لا تلين،
في مواجهةِ الحياةِ،
وسِياجِ المستقبلِ المتربص،
صامدًا رغمَ نيرانِ الموتِ التي تحصدُ الآلافَ
صغارًا وكبارًا،
كلَّ يومٍ،
بأيدي الاحتلالِ الغاصب.
في قلبِ فلسطين، حيث ينمو الإنسان وسطَ الركامِ والدّمار،
يتحوّل إلى كائنٍ أسطوريّ،
كأنّه الطائرُ الفينيقيُّ
الذي ينهض من رمادِه.
هو محاربٌ لا يخشى الموت،
حتى وإن جاءه حارقًا.
وكأنّ أطفالَ فلسطين
قد خُلقوا من نارٍ لا تنطفئ،
لا يخافون الموت،
حتى إن أُصيبوا في قلوبِهم
برصاصاتٍ غادرة،
فصغيرُهم أشجعُ من رجالٍ كثيرين
في عالمٍ باتَ الصمتُ فيه سيّدَ الموقف.
أيّها الكيانُ المغتصب،
خَفْ من دماءِ هؤلاء الأبرياء،
من الحياةِ التي سرقتَها،
من الأرواحِ التي تحترقُ بنارِ غدرك،
وتمضي شهداءَ إلى الخلود.
لكنّها فلسطين،
لا تموتُ، بل تتجدّد،
فمن رمادِ الأجسادِ الطاهرة
يخرجُ جيلٌ جديد،
أكثر عددًا،
وأشدُّ بأسًا،
يحملون في عروقِهم جذوةَ الكفاح،
وفي أرواحِهم
لهيبَ الذكرى
ولوعةَ الحنين.
إنها فلسطينُ الفينيقيّة،
التي انتزعتِ الحربُ منها أطفالَها،
لكنّها أمٌّ استثنائية،
تلدُ ذاتَ الصبيان
مرةً تلو أخرى،
ليُعلنوا للعالم
أنّ الحياةَ لا تزال ممكنة،
وأنّ الموتَ قدرُ البشر،
لكنّ للحقّ أن يُقاتل،
وللأرضِ أن تُستعاد،
وللشعبِ أن يحيا في سلام.
هكذا تنمو الأرواح،
وتولدُ من جديد،
ويأتي بعدها ربيعٌ من أمانٍ
قد يُنهي حربًا كاملة.
فكلّ جيلٍ فلسطينيّ
يولدُ أقوى،
وأكثر تصميمًا،
في كلّ مرّة
ينهضُ من رمادِ من سبقوه.
تعليقات
إرسال تعليق