هاربة. بقلم الشاعرة والأديبة. د. ليلى كو

(هاربة )
في غرفة لا تمتلك سقفًا، وجدت نفسي أجاهد، 
محاولةً جاهدةً أن لا تنطفئ شمعتي في المساء، 
حتى وإن هطل المطر بغزارة تصاعدياً. 
صمودي يعتبر تحديًا، يجعل الغيوم تعلو، تبتعد هاربة.
كلماتي، في ذلك الوقت، كانت مجردة، فقط بقايا ظل حطام يمتلئ بالألم، حتى وصل الأمر لتساوي الجميع بالجميع، 
كي يتم قياس الزمن بكل مكوناته، ومع كل تقدم للزمن يضيع 
ما لم يعد يُخشى عليه، ويبقى منه القليل أو الكثير، 
حتى في نهاية المطاف، حيث تظهر خطواتي، متساوية الأبعاد، محددة بقيد يكبل تسارعي.
كلما رن جرس الإنذار لذلك المستقبل المسمى "الغد"، 
وجدت يافطة واضحة الخطوط تحذرني بصرامة
 من الإقتراب، فأوقفني هناك، وأذهب لأوعَد في زمن آخر 
لم يأت بعد، أو ربما مضى بالفعل، وهذه هي الحقيقة؛ 
لإنك أتيتَ في المكان الخطأ والزمن الخطأ.
ماذا يمكنني أن أصف من شعوري؟ 
بل، ماذا يمكنني أن أفعل بهدوئي وأنا كالجثة الهامدة؟ 
أعانق الليل بعسعسته، وأمضي بين أفق الصباح، 
وفي خاطرة عميقة وجدت قلمي يسري بوتينه، 
وحبره الأزرق، وقبطان المركب الذي يعود ليكون سيدًا وزائرًا، 
واثقًا بأن المركب لا يغرق.
حينها أدركتُ أن الفلسفة قد غادرت غرفة أفلاطون، 
واللقالق قد هجرت بروجها، وعبثًا حاولت فك خيوط العنكبوت لأفهم كيف يحدث التناسل والولادة
 من عيون عاهرة؟
أوواه... إنه هذيان روح فاض بها الحنين، وتطوعت لها الحروف فحملتُ عنها بعض الألم، ومن آلامي تعلمتُ
 فن القراءة الصامتة، لما بين السطور وكل المعاني التي تدور
 في فلك الشمس، رونقها عندما يأتي الإنذار الأول، وعمدا يختفي، والعلم والإشارة بالمرور أتاني باللون الأحمر، لأسير وأهرب 
إلى الأمام، فأنا المعنية بذاك الكلام.
وقفتُ أتأمل إحمرار وجنتي، تحت ضوء القمر، 
وللحديث بقية، يأتي تباعا، فقبل ذلك التاريخ، كنتُ مشتتة 
إلى ألآف القطع التي لا تشبه بعضها، واليوم أدركتُ ما كانت تخفيه لي الأساطير، ضمدتُ عقارب الحب وضبطتها، 
وغدوت إمرأة أدركت حبها بيقين 
حينها كان عبد الحليم يردد
 ("إشتقت اليك فعلمني ألا أشتاق"،) 
   هو أملاً ودمعاً أروي به عطش آخر المغنيين.
‎وهو بداية للنهاية، لطلب الانتماء إلى كوكب يسكب الزمن 
‎في قفص لولبي، بدايته ثلج ونهايته أجاج، بعيدًا عن الأرقام والشيفرات والتعقيدات. ففي هذا البحث المتعب، 
أجدني مشتتة إلى الآف القطع التي لا تشبه بعضها، 
لكن اليوم أستدركتُ ما كانت تخفيه لي الأساطير، 
ضمدتُ عقارب الحب وضبطتها، وغدوت فرساً مروضاً 
بعد أن نزلتُ من   السماء لقلب المحيط فكيف لأم كلثوم أن 
‎ تغني ("كنت زمان بلاقيك بحنان بحر محبة وبر أمان")
‎إذن هو أملاً ودمعاً يرويان عطشي الأخير. فهو بداية لنهاية، 
لطلب الانتماء إلى كوكب يسكب الزمن في مجرات الزمان ، 
بعيدًا عن الأرقام والشيفرات والتعقيدات.
‎وأجدني الآن مستعدة لخوض رحلة البحث عن الحقيقة 
بكل شجاعة وإصرار .

بقلمي ليلى كو

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا إنسان، بقلم الشاعر، أ. حليم محمود ابو العيلة

مولد النبي صلى الله عليه وسلّم، بقلم الاديبة. د. هاجر علي

حب وكبرياء. بقلم الشاعرة. د. كريمة السيد