عندما نتالم نتعلم. بقلم الأديب. د. محمد ديبو حبو

عِندَمَا نَتَألَّم نَتَعَلّم
=============
بقلم الأديب محمد ديبو حبو 
والأديبة غادة مصطفى 

الألم: شعور يجتاح القلب والروح و يصيب الإنسان بالتمزق ، لأنه صورة لواقع حزين وعنوان لأحداث سلبية تلون الحياة بألوان متعددة وله مصادر عديدة قد تكون ذات منشأ داخلي أو خارجي أو مختلط.

فالمنشأ الداخلي مرتبط 
بالأسرة ، وبالطبع يلعب العامل النفسي دوراً بارزاً في تأجيج هذا الصراع ما بين الذات و المحيط الأسري.

وقد يكون مصدر الألم ذا  منشأ خارجي مثل الأصدقاء... أو المدرسة أوالجامعة أو  العمل.

أما إذا كان مصدر الألم مختلطاً فإنه سوف يبدأ بالأسرة ويمتدّ إلى العلاقة مع الأصدقاء أو الزملاء ..

هنا يجب أن نقف عند مقولة 
{ عندما نتألم نتعمل } فالألم قد يقصد به الألم الجسدي أو الألم النفسي ..
ولكلّ منهما اتجاه مغاير وسلبيات مختلفة .

أما عن الألم الجسدي الحسي فيمكن أن يكون في كل مراحل العمر منذ الطفولة وقد يكون ناتجاً عن جهل وقلة دراية ومعرفة كما يحصل مع الأطفال ، فهم يقدمون على إيذاء أنفسهم دون معرفة أو وعي وهذا يتسبب لهم بالأذى.

و هذا لا يتوقف على الصغار بل ربما الكبار أيضاً يعرضون أنفسهم للألم بسبب الاستهتار وفي كلا الحالتين نجد أن الألم يعلِّم الابتعاد عن مصدر  
الأذى والألم.

أما الألم النفسي و الذي يقود إلى الحزن والاكتئاب وتدمير الإنسان نفسياً و تحويله إلى إنسان عالة على المجتمع وعلى من حوله فهو أشد وطأة وأمضى أذى للنفس والروح ، وهذا النوع من الألم له مسببات عدة كما ذكرنا سابقاً، فالأسرة على سبيل المثال قد تكون مصدراً للألم بدلاً من مصدرٍ للدفء والحنان.

 وهذا لا يخص الأبناء فقط وذلك بظلم أحد الوالدين لفرد بتمييزه بالحب والاهتمام و المعاملة على إخوته مما يؤدي إلى إحداث ألم عند فرد أو أكثر ضمن هذه الأسرة ، بل قد يكون من يقع عليه الظلم و يصاب بالألم هو أحد الأبوين ، وهذا كثير للأسف في مجتمعاتنا ... وهنا لا بدّ لنا من التساؤل لو أردنا أن نطبق مقولة ( عندما نتألم نتعلم ) ماذا سيتعلم  هذا الشخص الذي ناله من الحزن والألم الشيء الكثير من أقرب الناس إليه وهي أسرته ؟ 

هنا تكمن المشكلة الحقيقة لأن هذا الشخص سيتعلم القسوة والجفاء والبعد والتنصل من الواجبات والمسؤوليات لأنه
 لا يستطيع أن يدرأ هذا الظلم والألم عن نفسه إلا بهذه الطريقة ، فما من سبيل إلى تغيير الآخرين لذلك تكون الحكمة بالابتعاد لأن الفطرة الإنسانية تقضي بأن يحمي المرء نفسه من مصدر الألم ويبتعد عنه إذا كان واعياً ذا معرفة. 

وإذا كان مصدر الألم مرتبطاً بالعمل والأصدقاء فسوف يكون أقل تأثيراً في النفس فالصداقات تتجدد والعمل أيضاً، و نعتقد أن ما سيتعلمه المرء هنا هو الخبرة في التعامل مع الشخصيات المختلفة ومع المواقف المختلفة.

ويبقى سؤال يلوح بالأفق هل يجب أن يخطئ الإنسان ليتعلم ... أليس من الأفضل أن يتعلم من تجارب الآخرين فلا يزرع التفرقة بين أفراد أسرته وأيضاً يحمي نفسه من أن يقع عليه الظلم والألم من أفراد أسرته سواء أكان  أب أو أم أو ابن أو أبنة ..

وهنا لا بدّ لنا من التنبيه إلى أن الخطأ الذي يؤلم قد يكبر ويتفاقم ليشمل مجتمع و دولة فتصبح وسيلة حلّه مستحيلة وغير ممكنة..
و لعلّه ما يحصل اليوم في مجتمعاتنا دون شكٍّ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا إنسان، بقلم الشاعر، أ. حليم محمود ابو العيلة

مولد النبي صلى الله عليه وسلّم، بقلم الاديبة. د. هاجر علي

حب وكبرياء. بقلم الشاعرة. د. كريمة السيد