زمن بألم الخاصرة. بقلم الشاعر. د. مصطفى محمد كبار

زمنٌ بألم الخاصرة

تدورُ الشدائدُ بكربها  بالعمرِ  فتصيبُ
و يطفو  في الجفنِ نارُ جمرٍ  و لهيبُ

هذا الكفرُ  و كربُ  الزمانِ  يقاصمني
جرحٌ  لعوبٌ  و كأسُ العلقمِ  الشريبُ

فمالها الأيامُ  تدورُ بسقوطُ  الأوصالِ
تهدني بوجعُ السنينِ بمرها و لا تغيبُ

كالنقيمُ  القرابينِ  بديارُ  الدهرِ  كأنها
كذابحِ البعيرِ  راحتْ  تغلبني و تُنِيبُ

مالها تحضنني بوهبُ الموتِ و ترضى
إنْ نالَ  الألمُ  مني  و رَاحَ  يسْتَطِيبُ

بيني و بينَ الزمانِ خصامٍ بمرُ اللعناتٍ
عداوةُ  تعاركُ وجهنا بيومها الشحيبُ

فأمضي  بلوعةُ  الخيباتِ  بكلَ مآتمي
أجولُ  بمرَ غربتي  كالمعتوهِ  الغريبُ

تدنو المهالكُ  بوحشتها  و  تكاسرني
ألمٌ في الروحِ يلهو و قبرٌ  باتَ قريبُ

هو الدهرُ حالهُ  مهزومٌ  كلما درتُ بهِ
فلا نجاةٌ للمقصومِ و لا الصبرُ  يطيبُ

أناجي بألف طعنٍ و الرماحُ بضلوعي
فلا القدرُ أرضاني و لا السماءُ  تجيبُ

كل الصلواتِ  مكايدِ  المحنِ  بخبتها
كحالُ السنينِ  تعلو بجراحنا و تعيبُ

عندَ الغَسقِ المريضِ  أحملُ  بنعوشي
و الليالُ تقسو  بهزائمي  بمرِ النصيبُ

يا قبلةَ الفجرينِ  إلى أينَ  تمضي بنا
و كلُ دروبُ  الأقدارِ  بكسرنا  تُخِيبُ

تلكَ  النواقصُ  كيفَ  تدومُ  بنا  أرقاً 
و تفارقنا الحياةُ  ببعدها و لا  تَطِيبُ

فأشكو  برحيلِ  الوالدينِ  كلما هدني
الدمعُ  فنارُ  الذكرياتِ  بالدمعِ  نَهيبُ

هي كآبةُ  الغربةِ تقتلني بينَ جدرانها
بالطعنِ المريرِ و هذا الجرحُ  الدَؤوبُ

إذ كأنَ  للعمرِ راحٌ  ما دارَ بعلتي وجعٌ
و لا نلتُ  بقهرُ السنينِ  بياضُ الشَيبُ

لعامُ الخمسينِ و مازلتُ أجرُ بأحزاني
ذلُ العمرِ و هذا الجرحُ الذي لا يتوبُ 

حيناً  أهربُ  من صور الأمسِ  لأنجو
و حيناً  أبكي  ببحرَ  الدموعِ  الكئيبُ

إنى  لزمتُ  بديارِ الأحزانِ  بالفِ دهرٍ
بكربُ الأسى و بلياليها السودُ الربيبُ

فحسبي  للذي  راحَ  يسقطني  بسقمَ 
كؤوسهِ  يجهدُ بالكسرُِ اللعين الرهيبُ

قد أدركتُ  باليقينِ  لا عيشٌ  بالحياةِ
ما دامَ  بالقلبِ  نارٌ  و بالعينِ   نحيبُ

فأسفي لهذا العمرِ  و ما أشقى  بنحرهِ 
خسرُ أدمعي و الشرُ الجاحظٌ الرقيبُ

ألفُ  جرحٍ  دارَ يعصرني بوجعُ الهلاكِ
و ليس لوجعُ  الجرحِ راحٌ و لا  طبيبُ

حتى  حسبتُ  بنجاتي كفرٌ  لن ألقاها 
طعنٌ بكلِ حينٍ و فجرٌ يطلعُ معطوبُ

مصطفى محمد كبار
حلب سوريا ٢٠٢٣/١٢/٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا إنسان، بقلم الشاعر، أ. حليم محمود ابو العيلة

مولد النبي صلى الله عليه وسلّم، بقلم الاديبة. د. هاجر علي

حب وكبرياء. بقلم الشاعرة. د. كريمة السيد