البحر وشكوى العذارء.. بقلم الشاعر الحسين ابن ابراهيم

البحر و شكوى العذراء.. 

موجةٌ تمضي..
موجةٌ تعود ..
موجة تنام في أحضان موجة..
معشوقةً مدللة.. 
و موجةٌ تفارق بالقهر موجة
تختنق بدمعها..
تُلقي على خيبتها بياضا في وحشة الكفن.
و الشاطئ المقفر من كل روح - خلْفَها- ..
تنهّدْ..
تثاءبْ..
تنفّسَ بعمق... 
و أستعدّ - رويدا.. رويدا - ليَعْمُرَ بالآمال..
بالأحلام..
بملذات لا متناهية.. 
تطفو على رماله المتوهّجة لقاءات عذراء..
لصبايا أنهكهن الكبت
و أوقدَ لهفتَهُنّ الهجيرُ .. 
يفتح البحر ذراعيه كالعاشق   
يُغازل باللّمس مواكبَ العذارى..
يمرّر فوق النّهود السُّمر.. فوق الشفاه العطشى
أنامل رقيقة نديّة.. 
و يلعق أجسادًا وهبنها
 إلى اشتهاء الموج في حنوّ دافقٍ حميمْ ..
و أنتِ..
يا جارة البحر..
يا صاحبة الأماني بالسعادة..
يا بذرة النّشوة و بُرعم الحياة.. 
عشقًا تذوبين في اللّمسة الساحرة.. 
و تنتثرين
مع الرمل حباتِ شوقٍ
ترسو على كل عشب كساه النّدى.
زهرةً عبقة.. 
و تستحيلين وهجا و لذة...
و مرارة..
حين يشنقك الخاطر العابر 
يناديك من حُرقتِكْ :
" أين الذي 
عند رؤيته تشرق شمس السنين... 
و يتفتت الشعاع على كتفيه
طلًّا دُرّيًّا يُجلّله.. 
يُغطي سناه من الرأس للقدمين؟ 
أين العيون اذا ما صفتْ
مدّدتِ على أهدابها أحلامَكِ الوارفة؟
هكذا... 
أقنعَكِ بعشقِه المجنون للرّحيل..
فتركته يسافر بعيدا..
أرخيتِ في راحته العنان
ليترك الأوهام تأكل يقينك 
و الأسقام..
تنهش أفراحك نهشَ الأفاعي..
متى نشأتِ؟
متى كُنْتِ ؟
أيُّ مسافةٍ قطعْتِ حتّى
سئمتِ الطريقْ؟
متى اتصلتِ بجوهر الحياة حتى تنفصلي.. 
و تصبحين مُضغة لأحرف الفشل..
لأبجدية المجهول تلوك سيرتك.. 
و تكتبين مشاعر وهمية
و قصائد حب مجهضة..
لِمَ لمْ يعلمْك البحر صبرا؟ ..
و أنت تشاهدينه يمتصّ أوجاع البشر.. 
يشربها و لا يتوجع..
يحمل أوزار الدنيا...
و لا يتعب.
لِمَ لَمْ تكوني بحرا عبابا؟؟

و حين ينتهي الجدالُ
و يضع فوق الفؤاد الهشّ
جباله الثقال
تلوذ الجارة المتعبة بجارها الحنون
و تدفن ثورتها في معطف أشواقه المبللة..
يغطيها الزبد المتراكم الكثيف.. 
لا ترغب في غيره حبيبا..

       *الحسين بن ابراهيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا إنسان، بقلم الشاعر، أ. حليم محمود ابو العيلة

مولد النبي صلى الله عليه وسلّم، بقلم الاديبة. د. هاجر علي

حب وكبرياء. بقلم الشاعرة. د. كريمة السيد