عجز المقال، بقلم الأديبة. د. هاجر علي
" عجز المقال "
أردت أن أدون مقالة من الأدب ..
اتخذت لها من كل سبب ..
عسى تصبح مقالتي عالية ..
أعلى مكانة من أجمل الخطب ..
تدين لها كل بلاغة ..
ويعجب لها أفصح العرب ..
ويخرس لها فطاحل الشعراء ..
تبدو أشعارهم خاوية كالقصب ..
تحاول الأدباء سيرا على نهجها ..
فتكِلُّ أقلامهم من شدة التعب ..
لا يجارون مسراها ولا مرعاها ..
ولا يستطيعون مسها اللهب ..
تلهب قلوبهم وتعجز عقولهم ..
عن إتيان بجملة من الذهب ..
تخلد ذكراهم كلما ذكرت ..
بلاغتهم لتقضي من الأرب ..
لكني عجزت مثل ما عجزوا ..
كما يعجز الفقير عن بيته الخرب ..
يريد إصلاحه وتزين أثاته ..
ويظهره بمظهر راق عجب ..
لكن المال مفقود فقد ولد ..
لثكلى أَلَمَّ بها من العطب ..
فما تقضي له كل وسيلة ..
مهما جدَّ وسعى في الطلب ..
هناك لَوَيْتُ رأسي طي جناحي ..
وسلمت كل ما سطرت من الأدب ..
واعترفت بأني غير قادر ..
ولا غيري لبلاغة الأدب ..
إذا ما قورنت بوحي منزل ..
على أشرف نبي مرسل عربي ..
جاء ببلاغة تحدت كل بالغ ..
وأخرست لسانه وأنهكته بالتعب ..
فلا يدعي عربي فصيح كلامه ..
إنه أعلى نهجاً للأدب ..
مادام كلام الله يبثره ..
ويزيح ما ادعاه من النسب ..
فلا تبقى له قيمة ..
وينزله من مقام الرتب ..
فالأديب الحق كلما زاد رصيده ..
تواضع ولا يهمه من حسب ..
هو يكتب لإسعاد غيره ..
ويدخل السرور بلسان رطب ..
تتخلله بعض كلمات ربنا ..
فلا يعد ذاك من النهب ..
بل لتشع من بعد كلماته ..
وتلمع لمعان الجواهر والذهب ..
كتبت مقالي هدية وكرامة ..
لعشاق المقالات والشعر والأدب ..
ألطف الأجواء وأبرد حرارة ..
بقلم بعيد عن الضوضاء والصخب ..
صرحت بما يكنه خاطري ..
واختصرت مشاعره بقول مقتضب ..
لا تحسبوه إجحافاً من كاتبه ..
بل خوفا من إطالة على مغترب ..
يمل من طول قراءة ..
فيطفأ هاتفه على غضب ..
فالحكمة تقتضي سيرا جنب ضعفاء ..
ومدارات الناس على وجب ..
ولا بأس على من يعشق أدبا ..
تطيل عليه لما فيه من رغب ..
من كان مولعاً بالقراءة ..
وتصفح مجلات ومطالعة الكتب ..
فهذا يعد من مذهبنا ..
ومذهبنا يفضي إلى كنوز من الذهب ..
🖋 الأديبة/ د . هاجر علي . المغرب فاس .
تعليقات
إرسال تعليق